دخلت الأزمة السياسية فى مصر أمس، نفقاً مظلماً جديداً بعد ساعات من حالة ارتياح جزئى عقب خطاب الرئيس مبارك مساء أمس الأول، والذى تعهد فيه بإصلاحات تتضمن مواد الترشيح للرئاسة، وأكد عدم ترشحه للرئاسة من جديد، وتنظيم انتقال سلمى للسلطة بعد أشهر.لكن هذا الارتياح وأدته مواجهات اندلعت بين المحتجين ضد مبارك، ومظاهرات مؤيدة له، وتصاعدت المواجهات حين اقتحم المؤيدون على المعارضين ميدان التحرير، واندلعت اشتباكات عنيفة خلَّفت عشرات الجرحى، حسب التقديرات المبدئية. وتحول ميدان التحرير إلى ساحة لحرب الشوارع، فيما تدخلت قوات الجيش للفصل بين الجانبين، فى وقت تمسك فيه المعارضون بموقفهم الداعى إلى إسقاط النظام ورحيل الرئيس مبارك، ودعا المؤيدون إلى منح مبارك فرصة لتنفيذ وعوده الإصلاحية، قبل أن يغادر منصبه بنهاية الفترة الرئاسية الحالية فى سبتمبر المقبل.وطالبت القوات المسلحة الشباب، بالعودة إلى منازلهم من أجل استعادة الأمن والاستقرار فى الشارع، مشيرة إلى أن رسالة الشباب ومطالبهم وصلت، مؤكدة أن القوات المسلحة لا تدعو لذلك بسلطان القوة وإنما مخاطبة للعقل.فى السياق ذاته تواصلت المظاهرات المؤيدة والغاضبة فى المحافظات، وسط دعوات لاستمرار المظاهرات الغاضبة لإجبار الرئيس على التنحى، معلنة رفض خطاب مبارك، ورافعة شعار «لا تفاوض قبل الرحيل».وتحت شعار «سامحنا يا ريس» نظم المؤيدون لمبارك مظاهرات فى مختلف أحياء القاهرة.وامتدت المواجهات بين الجانبين من ميدان التحرير إلى شوارع القاهرة، وسط حالة فرز فى الشارع «أنت مع مبارك أم ضده» ودعوات للانتقام من المتظاهرين والقوى السياسية الذين نظموا الاحتجاجات الداعية لإسقاط النظام، فيما استخدم الموالون لمبارك العصى والأحصنة والجمال لتفريق المعارضين فى الميدان.فيما دعت عدة شخصيات عامة «المؤسسة العسكرية إلى ضمان أمن وسلامة شباب مصر المتجمع للتظاهر السلمى فى ميدان التحرير وغيره من شوارع وميادين المدن المصرية».وأكد البيان الذى وقعه خصوصاً رجل الأعمال نجيب ساويرس وسفير مصر السابق لدى الأمم المتحدة نبيل العربى والكاتب سلامة أحمد سلامة أن «العنف الذى تشهده بعض شوارع مصر الآن لن يؤدى إلا إلى «المزيد من الاحتقان السياسى وانسداد أى أفق لانفراج الأزمة الراهنة».كما وقع البيان الناشر إبراهيم المعلم والوزير السابق أحمد كمال أبوالمجد، وعدد من الباحثين من بينهم عمرو حمزاوى وعمرو الشوبكى وجميل مطر. وتابع البيان «إننا نعقد الأمل على المؤسسة العسكرية للخروج بالوطن والمواطنين من هذه الأزمة وإنقاذ أرواح شباب مصر».وعقدت مجموعة من القيادات اليسارية فى مصر اجتماعاً، أمس، بمقر حزب التجمع قررت فيه تشكيل سكرتارية تنظم وتدعم انتفاضة الشباب المصرى وتساهم فى الحفاظ على مكاسبها والتصدى لمحاولات الالتفاف على هذه المطالب والتأكيد على المعتصمين فى التحرير أن يواصلوا تواجدهم حتى الجمعة المقبلة التى أطلقوا عليها «جمعة الرحيل».واتهم المحتجون على نظام مبارك الحكومة ونواب ينتمون للحزب الوطنى، بترتيب المظاهرات المؤيدة، وإجبار الموظفين فى الشركات الحكومية على التظاهر لتأييد الرئيس، كما اتهموا قوات من الشرطة بالاندساس وسط المتظاهرين المؤيدين لقيادتهم والاعتداء على المحتجين، وقالوا إنهم ألقوا القبض على عدد من أفراد الشرطة فى المواجهات وتم تسليمهم للقوات المسلحة، فيما نفت وزارة الداخلية ذلك، وقالت إن «الكارنيهات التى تم ضبطها منسوبة للشرطة مزورة».وقالت مصادر طبية مصرية لوكالة «فرانس برس» إن ٥٠٠ مصاب على الأقل نقلوا إلى مستوصف ميدانى فى مسجد بالقرب من ميدان التحرير، علماء بأن أعداداً أخرى من المصابين كانوا نقلوا إلى عدة مستشفيات.وقالت الوكالة إن قنابل مسيلة للدموع أطلقت على المتظاهرين المعارضين للرئيس مبارك فى ميدان التحرير، ولم يعرف مصدر هذه القنابل المسيلة للدموع.بينما أعرب البيت الأبيض «الأربعاء» عن استنكاره وإدانته لاستخدام العنف ضد التظاهرات السلمية فى القاهرة،
«التحرير» يتحول إلى ساحة حرب.. و«الوطن»يطالب بالتهدئة