THE KING :: عضو مشارك ::
النشاط : 136 الموقع : منتديات الهيام
| موضوع: أحتاج إليك ربي الجمعة 16 أبريل - 10:02:37 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] [size=21]تسارعت خطوات مازن إلى بيت الله بعد أن استمع إلى صوت المؤذن معلنًا وقت العشاء، وكان مازن يحرص على الصلاة في المسجد المجاور لبيته، فالإمام يعطي درسًا يوميًا بعد الصلاة يشرح فيه حديثًا, أو يفسر فيه آية. وفي طريقه إلى المسجد, إذا به يرى صديقه وجاره حسام وهو واقف في شرفة منزله في الطابق الأرضي, فوقف مازن ليسلم عليه ويسأله عن حاله, فهما لم يلتقيا منذ أمد بعيد. ابتسم مازن وهو يلقي التحية على حسام قائلًا: كيف حالك يا حسام، لم أرك منذ فترة؟ أجاب حسام: الحمد لله يا مازن كيف حالك أنت؟ مازن: بخير والحمد لله لماذا تقف في الشرفة إلى الآن، ألن تصلي معي العشاء؛ لقد اقترب موعد إقامة الصلاة؟ ارتبك حسام، وبدت حمرة الخجل تتسلل إلى وجهه وهو يقول لمازن: معذرة يا مازن ولكني غير متوضئ كما أنه لا يوجد أحد في البيت, ولن أستطيع أن أنزل للصلاة في المسجد، سأصلي في البيت. تنهد مازن قائلًا: حسنًا يا حسام كما ترى, ولكني أتعجب من تغير حالك, فبعد أن كنت سبَّاقًا إلى بيت الله توقظني لصلاة الفجر, وتكلمني كل صلاة, وتحثني على حضور دروس العلم, إذا بي أراك وقد انقطعت عن كل هذا بلا أي سبب أو مقدمات, ما الذي حدث لك يا حسام؟ ما هذه التقلبات السريعة التي حدثت لك؟ لقد كنت عاقدًا العزم على أن أكلمك منذ فترة، ولكني لم أكن ألتقي بك وهأنذا أسالك بصراحة ما الذي غير حالك؟؟ بدا الأسف على وجه حسام وهو يقول لمازن: لقد كنت فعلًا كما تقول يا مازن, ولكن أبي وأمي للأسف ظلا يلحان علي أن أنتبه لمذاكرتي, وكانوا يخشون علي من الالتزام والانشغال بالعبادة حتى لا يضيع مستقبلي وأهمل مذاكرتي, أنا بالفعل أستشعر حاجتي للعبادة، والقرب من الله وأشعر بالألم والحسرة كلما تذكرت الأيام الماضية، ولكن هذا ما حدث. تعجب مازن وقال لحسام: والله لا أدري ماذا أقول لك يا حسام, بالفعل فإن كثيرًا من الآباء والأمهات لا يعلمون كم نحتاج في عمرنا هذا للقرب من الله والتعبد له سبحانه, ولكن ثق بأني سأفاتح والدك في هذا الموضوع قريبًا, لا تقلق. تهللت أسارير حسام وقال في فرح: جزاك الله خيرًا يا مازن, فأنا بالفعل في حاجة شديدة إلى ربي. صدق مازن!! حاجة الإنسان إلى عبادة الله أمر فطري ثابت, وهو ما يحسه الإنسان على وجه الخصوص في حالة الشعور بالذنب أو في حال الشدة والخطر, فيتوجه إلى الله خالقه لفك كربته وحل أزمته، وقد وصف الله حال الكفار عند الشدة بأنهم يتوجهون إليه وحده, ويجأرون له بالدعاء قال تعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ} [الأنعام: 63-64]. وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} [لقمان: 31-32]. وإن كانت هذه الحاجة متأصلة في نفوس الناس جميعًا فإنها آكدة عند المراهق (فتفكير المراهق المتميز يدعوه للتساؤل عن القضايا الكونية والنفسية وعن بدايات الإنسان وغاياته, وتتراكم عليه أسئلة كثيرة في هذا الباب, كما أن عواطفه جياشة, وأحاسيسه مرهفة, فهو كثير الخوف كثير الرجاء, سريع الشعور بالذنب والإحساس بالضعف، يتجه للمسجد أحيانًا ويحافظ على الصلوات والنوافل, ويكثر الدعاء والأوراد والأذكار، يعطف على الفقير والمحتاج والمظلوم، ويتجه إلى تبني حاجاتهم ومساعدتهم, ويتوق للعمل التطوعي والتعاون والجهد الجماعي ... كل هذا وغيره من الظواهر التي تشير إلى ميول المراهق الأكيدة للتدين والتعبد بصوره المختلفة, وهو أمر يلحظه كثير من الآباء والأمهات والمربين على المراهقين) [المراهقون, عبد العزيز النغيمشي]. حكمة ربانية وهنا تبرز حكمة الحكيم العليم سبحانه الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير حين يربط بين هذه السن وبين التكليف الشرعي، حيث لا يحاسب الإنسان على أفعاله إلا بعد البلوغ كما قال صلى الله عليه وسلم: (رفع القلم عن ثلاثة... وعن الصبي حتى يحتلم) [صححه الألباني], فخلق الله في نفس المراهق الرغبة والحاجة للعبادة والتقرب إلى الله حتى يسهل عليه الالتزام بتكاليف الشريعة الغراء, ويندفع إليها مشتاقًا محبًا.
(لقد توصلت دراسات معاصرة عديدة إلى أن المراهق في هذه المرحلة يعيش توجهًا نحو التدين، وهذا مما يكشف لنا عن شيء من حكمة ارتباط التكليف الشرعي بهذه المرحلة. يبدأ المراهق في التساؤل عن نفسه من أين أنا؟ وكيف جئت؟ يبدأ يتساءل عن سر خلق الوجود والكون، ويبحث عن الإجابة التي تقنعه حول هذه التساؤلات، وقد يهتدي إلى المنهج السليم، وقد يضل ويزيغ. ومن الظواهر الملفتة في ذلك ما نراه من بعض الشباب في هذه المرحلة، من إقبال على التدين والعبادة لله عز وجل، حتى من بعض الذين لم ينشؤوا في بيئة محافظة, لكن الواقع السيئ للمجتمع كثيراً ما يفسد هذه الفطرة، ويجر الشاب بعيداً عن الطريق الشرعي) [المراهقون الوجه الآخر, د.محمد الدويش]. وهذا الأمر لا يقتصر على بلاد الإسلام فحسب؛ ولكنها الفطرة التي أودعها الله في النفس البشرية أنى وجدت (وقد أشارت العديد من الدراسات النفسية الميدانية إلى هذا التوجه والميول عند المراهقين والمراهقات في البلدان المختلفة) [سيكولوجية المراهقة, إبراهيم قشقوش], (وهو موجود عند المراهقين جميعًا وهذا الميل أمر تؤيده الفطرة, ويعززه النضج العقلي والمعرفي الذي يصل إليه المراهق, وتذكيه عواطفه الغزيرة, وأحساسيسه المرهفة) [المراهقون, عبد العزيز النغيمشي]. كما أن هذا الميل للعبادة والدين في مرحلة المراهقة، له كبير الأثر على نفسيه المراهق وانفعالاته, فشتان بين شاب نشأ في طاعة الله متمسكًا بالأخلاق الحميدة يعلم ما له وما عليه ولا يجد غضاضة في السيطرة على شهواته وملذاته ابتغاء مرضاة الله, شتان بين هذا الشاب وبين شاب آخر لا تجده إلا مشتتًا حائرًا ضائعًا, يبحث عما يسد رمق شهوته وغريزته, لا يألو على خلق أو عرف أو دين بسبب ضعف ارتباطه بالله, واهتراء علاقته مع الله, شتان بين من انضبطت مشاعره وأحاسيسه بشرع الله تعالى, فلا يصدر منه قول إلا وقد وزنه بميزان الشرع الحنيف، وبين من تخرج انفعالاته ومشاعره بلا رابط أو ضابط. ولذلك فإن (الشعور الديني في المراهقة عامل قوي في تغيير مثيرات واستجابات المراهق الانفعالية) [الأسس النفسية للنمو, أحمد فؤاد البهي السيد]. المجالات الرحبة ومن هنا كانت عظمة شريعتنا ومنهجنا التربوي الرحب، الذي يحوي بين دفاته ما يروي الغليل ويشفي العليل من أنواع الشعائر والأنشطة العبادية: من العقائد والأقوال والأفعال ما ينمي هذه المطالب ويضبطها، وإليك أخي الشاب بعضًا من هذه المجالات؛ لتزكي من خلالها نفسك وتشبع عبرها عطشك للعبادة والقرب من الله, والتي سنتناول بعضا منها في حلقات أخرى بإذن الله مسقبلًا: 1. (أداء الصلوات المفروضة والمحافظة عليها في المساجد. 2. أداء الرواتب والنوافل. 3. تلاوة القرآن والاستماع إليه. 4. الأوراد وأذكار الصباح والمساء والمناسبات، مع تذكر معانيها وأغراضها. 5. ارتياد مواطن الوعظ وحضور مجالس العلم. 6. الحج والعمرة مع الرفقة الصالحة. 7. القيام بالتطوعات ذات الطابع الروحي المؤثر مثل: · زيارة المرضى. · زيارة المقابر. · زيارة الصالحين من أهل العلم والورع. · دروس حفظ القرآن. · ذكر الموت وما بعده. · حلقات العلم في المساجد. 8. الاستغفار والتوبة). [المراهقون, عبد العزيز النغيمشي, بتصرف] الملامح المرشدة وقبل الرحيل؛ لابد من توجيهات وإرشادات وملامح نعطيها لكل أب ومربي, حتى يستثمر تلك العاطفة الإيمانية الجياشة لدى المراهقين, ويدفعها لما ينفع المراهق في دينه ومعاشه وعاقبة أمره, وما يفيد وطنه وأمته. (1- أن يكون توجيه المراهق إلى هذا الجانب عفويًا وبطرق غير مباشرة ما أمكن, إذ أن المراهقين حساسون للأسلوب الإملائي المباشر، ويمتازون بالاعتداد بالنفس والاستقلال, وقد يعاندون أحيانًا. 2- مخاطبة عقول المراهقين وأفكارهم إلى جانب عواطفهم؛ نظرًا لما يتميز المراهق من تفتح عقلي وقدرة منطقية وحيوية فكرية، تتوق إلى مخاطبة العواطف والمشاعر الممزوجة بالمناقشة العقلية، وهذا هو أسلوب القرآن في مواضع كثيرة عندما يوجه الناس إلى الله. 3- أن يبدأ المربي في مناقشة هذا الجانب، والتوجيه إلى ممارسته مبكرًا مع بداية المراهقة أو قبلها، حيث أثبتت الدراسات النفسية أن استعداد المراهق للاستقبال والاستشارة والاسترشاد بالكبار يكون أكبر في السنوات الأولى المبكرة من المراهقة، ويتقلص الاستقبال ويزداد الاستقلال فيما بعد ذلك. 4- توظيف قدرات المراهق في التأمل والتساؤل والتفكر حول الكون والنفس والحياة. 5- استثمار مواقف الضعف والضيق والشدائد والنوازل عند تربية الناحية العبادية, فالمراهق ذو عواطف غزيرة ومشاعر هشة، وهو ضعيف التحمل قليل التجربة بحاجة إلى السند والقوة، وبحاجة للتعرف على القدرة الإلهية واللجوء إلى الله في الكرب والشدائد) [مراهقة بلا أزمة, أكرم رضا]. وماذا بعد الكلام؟؟ 1. اعلم أخي المراهق أن حاجتك إلى الله في هذه المرحلة أشد من أي مرحلة أخرى فالجأ إليه وأكثر من الدعاء له أن يهديك لما فيه الحق والصواب, وقل له بخضوع ومذلة: أحتاج إليك ربي. 2. نوع في عباداتك ما بين زيارة المقابر وعيادة المرضى والنوافل المختلفة مع الحفاظ على الفرائض. 3. هيئ المناخ المناسب لولدك أيها المربي الفاضل لاستثمار تلك العاطفة الإيمانية الجياشة التي يموج بها صدره عن طريق التوجيه غير المباشر والبدء فيه مبكرًا ومخاطبة عقله بجانب عاطفته.[/size] | |
|